ما تزال الأرقام الحقيقية لحجم صادرات النفط اليمني الخام وعائداته، محل تضليل. حتى التصريحات الرسمية خلال السبع السنوات الأخيرة أو قبلها، تحجم عن الرقم الفعلي للصادرات التي لم تتوقف حتى في ذروة الصراع بين الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، وجماعة الحوثي (المعروفون أيضاً بأنصار الله).
ومع تصدير النفط اليمني الخام إلى خارج اليمن، إلا أن أزمات المشتقات النفطية في الداخل اليمني لا تتوقف، بالرغم من استقبال الموانئ اليمنية شحن المشتقات النفطية التجارية، بما في ذلك ميناء الحديدة غربي اليمن الذي يغذي مناطق سيطرة جماعة الحوثي، وفي مناطق سيطرة الحكومة المعترف بها دولياً، تلقت محطات كهربائية منح نفطية تشغيله من المملكة العربية السعودية.
في هذا التقرير، قام فريق الإعداد، بالتقصي والبحث حول صادرات النفط اليمني الخام وعائداته، خلال الفترة من 2016 إلى 2021، ولم يتوان الفريق من تتبع بيانات سفن وصلت إلى موانئ تصدير النفط في اليمن وخرجت محملة بالنفط الخام خلال العام 2021، عبر أدوات المصادر المفتوحة في موقع Marine Traffic المتخصص بتعقب ورصد بيانات ومسارات وحمولة السفن على مستوى العالم، ويصنفه المركز الدولي للصحفيين موقعاً موثوقاً ويوصي الصحفيين الاستقصائيين باستخدامه.
واتضح لفريق تقصي الحقائق في هذا التقرير، أن حجم صادرات النفط الخام خلال الفترة من 2016 إلى 2021 بلغ نحو 189مليوناً و170ألفاً و730 برميلاً، فيما وصلت قيمة عائداته ما يقارب من 13 مليار و25 مليون و761 ألف و831 دولارًا، خلافاً لما تظهره الحكومة اليمنية وما تعلنه من أرقام.
إن جميع المعلومات الواردة في هذا التقرير، مستمدة من خلال منهجية البحث الميداني القائم على المقابلات مع مصادر حكومية في وزارة النفط والمعادن ووزارة المالية وموظفين في موانئ تصدير النفط اليمني، وخبراء، إضافة إلى حزمة من الوثائق والتقارير الرسمية، كما تم استخدام أدوات تقنية، منها موقع Marine Traffic المتخصص بتعقب ورصد بيانات ومسارات وحمولة السفن.
التعتيم مستمر
عملية التعتيم عن الأرقام الفعلية لصادرات النفط اليمني الخام، ليست جديدة؛ فخلال حكم الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، قال رئيس البرلمان، الشيخ القبلي البارز عبدالله بن حسين الأحمر، لصحيفة الوسط الأهلية بتاريخ 15نوفمبر/تشرين الثاني 2005 : “لا نعلم شيئاً عن حجم النفط المستخرج أو المباع، لا أنا كرئيس مجلس النواب، ولا المجلس وأعضاؤه، وأية مطالبة للكشف عن البيانات الحقيقية تثير ردود فعل غاضبة وسلبية ولا يتم التجاوب معها”. وبعد مرور نحو 18عاماً، لم يتغير أي شيء في تصريحات المسؤولين الحكوميين، إذ أكد المدير السابق في إدارة قطاع الايرادات بوزارة المالية التابعة للحكومة المعترف بها دولياً، عبدالسلام الصبري، لفريق إعداد هذا التقرير، في إبريل/نيسان 2022 إن “قطاع الإيرادات لا يعرف شيئاً، ولا يتلقى أية بيانات عن حجم الصادرات الفعلية من النفط الخام ولا مقدار عائداته، باستثناء البيانات المسموح بإعلانها”.
الأرقام الفعلية تفضح تصريحات التضليل
تتبع السفن
إضافة إلى ذلك رصد فريق تقصي الحقائق، خمس ناقلات نفطية، الأولى تحمل علم مارشال، والثانية تحمل علم جزر الباهاما، والثالثة تحمل علم مالطا، والرابعة والخامسة تحملا علم بنما، ودخلت هذه السفن ميناء بير علي في محافظة شبوة 9 مرات، وميناء الشحر في حضرموت ٩ مرات خلال الفترة من يناير/كانون الثاني حتى ديسمبر/كانون الأول من العام 2021، ونقلت نحو 1 مليون 816 ألف و 558 طناً، ما يعادل 10ملايين و 899ألف و348 برميل، ولم يتمكن الفريق من معرفة موانئ الوصول لهذه السفن بسبب إغلاقها رادارات التتبع بعد خروجها من الموانئ اليمنية.
ومن خلال تتبع حمولة السفن التي نقلت النفط الخام من الموانئ اليمنية، يتضح أن صادرات اليمن من النفط الخام خلال 2021 وصل إلى 52 مليون و730 ألف 730 و730 برميل، أي بمعدل إنتاج 116 ألف برميل يوميًا.
صادرات النفط الخام من اليمن إلى (الإمارات والصين وسنغافورة، وماليزيا، ومصر) خلال 2021
- مليون/برميل
- مليون/برميل
13 مليار دولار
بحسب أرقام الصادرات الواردة في تقرير منظمة أوابك، بالإضافة إلى نتائج ما توصلنا إليه عبر موقع Marine Traffic، المتخصص برصد حركة الملاحة البحرية، فإن عائدات الحكومة اليمنية من الصادرات النفطية بلغت 13 مليار و25 مليونا و761 ألفا و831 دولار، خلال الفترة من 2016إلى 2021. وهذا الرقم يتجاوز تقديرات وزارة المالية التي وردت في تقرير البنك المركزي، الصادر في سبتمبر/أيلول 2021والذي تضمن ارقام الايرادات والمصروفات، حيث ذكر تقرير البنك المركزي أن الموارد المالية للنفط في 2019 بلغت 354مليار ريال يمني أي ما يعادل 345 مليون دولار. وطبقا للتقرير فقد انخفضت هذه العائدات خلال 2020، إلى 330 مليار ريال، أي ما يعادل 330مليون دولار.
وأوضح تقرير البنك تفاصيل التوقعات بشأن رقم الإيرادات، حيث أشار إلى أن عائدات النفط خلال عام 2021ستصل إلى 888مليار ريال؛ أي ما يعادل 888 مليون دولار. لكن هذه البيانات مضللة، لأن صادرات اليمن من النفط الخام خلال العام 2021 وفقاً لبيانات رصد سفن ناقلات النفط وحركتها بين الموانئ اليمنية وموانئ الإمارات وسنغافورة والصين وماليزيا ومصر، وصلت إلى 52 مليون 730 ألف و730برميلا، ومتوسط سعر البرميل يساوي 71دولار، ما يعني أن عائدات النفط خلال 2021 بلغت نحو: 3 مليار و743 مليون و830 دولار.
عائدات النفط الخام اليمني خلال الفترة من 2016 حتى 2021
- دولار
- دولار
من يتحكم بالنفط وأين تذهب عائداته؟
قال رئيس الوزراء اليمني معين عبدالملك، في مقابلة مع قناة الشرق السعودية، في فبراير/شباط 2022، إن “لجنة خاصة مرتبطة برئيس الوزراء هي المسؤولة بشكل حصري عن تصدير النفط عبر مناقصات شفافة”، لكن بالعودة إلى موقع وزارة النفط والمعادن اليمنية، لم نجد شيئًا يؤكد هذا القول.
وكشف عبدالسلام الصبري، مدير إدارة قطاع الايرادات بوزارة المالية سابقاً،، لفريق إعداد التقرير، إن “قطاع الإيرادات لا يتلقى أية بيانات عن حجم الصادرات الفعلية من النفط الخام ولا مقدار عائداته، باستثناء البيانات المسوح بإعلانها”. وقال بأن “موانئ ومراكز تصدير النفط محظور دخولها أو الاقتراب منها حتى على الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، كما أن قطاع الإيرادات في الوزارة لا يعرف شيئاً عن السياسية المتبعة في احتساب أسعار صادرات النفط”. وأكد محمد بأن “بيانات النفط الحقيقة لا يعرفها سوى مسؤولين محددين في السلطة، وتمر فقط عبر قناة ضيقة تشمل شركات النفط وموانئ التصدير ويصل طرفها إلى أعلى هرم السلطة”.
الحكومة لا ترد
حاول فريق إعداد التقرير الحصول على إيضاحات من رئاسة الوزراء ووزارة النفط ووزارة المالية في الحكومة اليمنية ومن السفير السعودي لدى اليمن حول ما ورد في هذا التقرير، وبعث مرتين متتابعتين برسائل عبر البريد الإلكتروني، لعناوينهم البريدية المعلنة على مواقعهم على الويب، وذلك قبل نحو أسبوعين من نشر هذا التقرير، لكن لم يصلنا أي رد حتى لحظة نشر هذا التقرير. ونؤكد بأننا على استعداد لنشر أي رد يصلنا من أي من الجهات المخولة.
فريق الإعداد:
ألفت يوسف
بحث ميداني وتدقيق معلومات
إعداد للنشر | سلمان الحميدي
صحافي يمني مستقل، عمل سكرتير تحرير لصحيفة الأهالي، قبل أن ينتقل للعمل كمدير للتحرير في صحيفة حديث المدينة الأهلية، يكتب للعديد من المواقع الأخبارية، إلى جانب عمله كمحرر مع العديد من المؤسسات الإعلامية والحقوقية.
إعداد للنشر| وجدي السالمي
صحافي يمني مختصّ في التحقيقات الاستقصائية، مؤسس ورئيس مؤسسة “FREE MEDIA” للصحافة الاستقصائيه.
إعداد للنشر| مفيد الغيلاني
مخرج فني وصحافي يمني متخصص في تدقيق المعلومات، ومؤسس مؤسسة نسيج للإعلام الاجتماعي، ورئيس تحرير منصة نسيج المتخصصة في صحافة الأقليات في اليمن.